الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

نبذة عن حياة " تيفان موري "


ولدت الشابة الفرنسية تيفان موري يوم 21/03/1987 بمقاطعة " تشاوتيفو " الفرنسية . و قضت فرصة الطفولة رفقة اخيها " ثيدريك موري " الذي لطالما كانت سعيدة برفقته و العيش معه كونه كان يحفزها على العمل الخيري الجماعي اذ كان يكبرها سنا و هو عضو في فريق " كانويكايك " اهتمت تيفان بالرياضة فانضمت الى عدة منتديات رياضية و مارست رياضات مختلفة منها السباحة ، العدو ، و انشطة رياضية اخرى كما اشرفت على تدريبات رياضية لبعض الفئات المعوزة مثل تدريب الاشخاص المعاقين و المقعدين كما شاركت في ماراطون " آرديتشي " . رغم انخراط تيفان موري في العمل الانساني الجمعوي الا انها تحصلت على شهاة الباكالوريا في سن مبكرة و هو ما زادها ايمانا بمواصلة رب التعرف و التعمق في عالم المساعدة الانسانية و تقديم اليد للآخرين . و تقول في هذا الصدد " ان التعاون و المساعدة هما مدرسة اخرى للإدارة و التزويد بالمعرفة " و كانت تسعى للمشاركة في الاعمال الخيرية و تشارك في التخطيط لها عبر العديد من دول المعمورة مركزة على مناطق الفقر و البؤس و بؤر التوتر . في بداية الالفية الثانية تعرفت تيفان موري على اطفال صحراويين بينما كانت تعمل كمنشطة خلال العطل الصيفية للأطفال بفرنسا و في احدى المراكز الصيفية احتكت بالأطفال الصحراويين تعرفت من خلالهم على معاناة الشعب الصحراوي و حينها قررت القيام بعمل انساني بالصحراء الغربية فقامت بزيارة الى مخيمات اللجيين الصحراويين القاطنين قرب مدينة تندوف الجزائرية و استقرت بمدرسة 27 فبراير الوطنية اين قامت بالعديد من الانشطة الانسانية منها فتح قسم لتعليم اللغة الفرنسية بمركز الشهية النعجة عالي ابراهيم للاعلام و الثقافة كما قامت بانشاء مكتبة ثرية بنفس المركز بالاضافة الى قسم لتعليم الاعلام الالي . و ظلت الشابة الفرنسية تبدع في مساعدتها الانسانية . و لم تفوت اي فرصة تعبر فيها عن تعاطفها مع معاناة الشعب الصحراوي الى ان وافتها المنية في : 08/ ماي 2009 اثر حادث اليم أثناء عودتها من ولاية الداخلة بعد ان كانت مشاركة في مهرجان السينما لتبقى ذكراها الاليمة في نفوس الشعب الذي جاءت من اجل دعمه و مساندته

السبت، 6 أكتوبر 2012

دور المرأة الصحراوية في البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية

دور المرأة الصحراوية في البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية مقدمة ان اعلان الدولة الصحراوية في 27 فبراير من سنة 1976 في منطقة بئر لحلو بالنظر الى تجارب الثورات و الشعوب المكافحة ليمثل تجربة فريدة في سياق التاريخ المعاصر و التي شكلت الرد المناسب على الفراغ السياسي و القانوني الذي خلفه انسحاب اسبانيا كقوة مديرة لاقليم الصحراء الغربية ليمهد الطريق للاجتياح المغربي الموريتاني للمنطقة بفعل ابرام اتفاقية مدريد الثلاثية بين هذه القوى الاستعمارية مع كونها لا تنطوي على أي شرعية قانونية ذلك انها تتعارض مع كل المواثيق و القرارات الدولية الصادرة بهذا الصدد. و منذو ذلك التاريخ و الدولة الصحراوية ما فتئت تتبوأ مكانتها على صعيد مختلف المحافل الدولية و تمارس ادارة الشؤون العامة لاقليم الصحراء الغربية و سكانه من خلال اجهزتها المتخصصة بمخيمات اللاجئين الصحراويين و بترا ب الجمهورية , و في ظروف استثنائية جد صعبة استطاعت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الحديثة النشأة بناء صرح مؤسساتي بكل ما يحمله معنى الدولة الحديثة من مقاييس ( السلطة التنفيذية , السلطة التتشريعية , السلطة القضائية , مختلف الوزارات , ...) و قد حصدت اعتراف العديد من الدول من مختلف القارات بالاضافة الى عضويتها في منظمة الوحدة الافريقية و عضو مؤسس للاتحاد الافريقي . و قد شاركت المرأة الصحراوية و بتفان تام في بناء و تشييد هذا الصرح المتين كونها اولا مواطنة تتصف بكل معايير المواطنة . و كونها ثانيا امرأة صحراوية عرفت على مر التاريخ بصمودها و شجاعتها في وجه الهمحية الاستعمارية التي عرفتها المنطقة منذ زمن بعيد . و الذي سوف نتطرق له بالتفصيل فيما سياتي : دور المرأة الصحراوية في البناء المؤسساتي : اعتبارا لجملة من التقليد المتميزة , فان المحتمع الصحراوي عبر تاريخه لم يهمش المرأة و لم ينقص من مكتنتها , فالمرأة في هذا المحتمع تتبوأ منانة تختلف كليا عن تلك التي توجد فيها المرأة في البلدان المجاورة , حيث تعلني التهميش و لا يتعدى نشاطها و تواجدها حدود البيت و ترضخ تحت سياط مجموعة من التقاليد البالية و التهميش و الاحتقار , و اعتبارا لطبيعة المجتمع الصحراوي البدوي فان المرأة ظلت تساهم دوما على قرار الرجل في كل انشطة الحياة و في تقليد مسؤولية التسيير و الاشراف بدءا من شؤون الاسرة في غياب الرجل ( في قافلة للتجارة او في الحروب ) و مع مجيء الاستعمار تراجعت هذه المكانة نظرا لكون هذا الاخير عمل على تجهيل و تحقير المراة و تغزيم دورها . لكن بفضل صمودها و فطنتها و نضالها و ايمانها بقدراتها الذاتية استطاعت استعادة مكانتها بل و لعبت دورا بارزا في حرب التحرير و اثناء قيام الدولة الصحراوية الى ان وصلت الى ماهي عليه الان حيث عملت منذ ازيد من ثلاثين سنة في مخيمات الاجئين الصحراويين و في المناطق المحررة على تنمية قدراتها الثقافية و العلمية و تقوية مكانتها الاحتماعية , فالحرب شكلت بالنسبة لها مدرسة تحصلت منها على شهادات في التحدي و الصمود كما اتاحت لها الفرصة للحصول على قدر كبير من التكوين و التاهيل و تحصلت على فرص للتعليم التي كانت محرومة منه ابان الحقبة الاستعمارية و هي التي تتولى اليوم عملية بناء المجتمع الجديد . ذلك انه و منذو بداية نزوح السكان فرارا من بطش الغزاة الجدد و اقامة المخيمات فان الرجل ظل دائما غائبا في الحبهات الامامية و بالتالي تحولت المرأة الى مركزللحياة المدنية و تحملت كافة المسؤوليات الاجتماعية من صحة و تعليم و تربية و رعاية و تسييير كافة الشؤون الحياتية للشعب . و يمكننا فصنيف هذا الدور في جانبين اساسيين هما : 1 – الصعيد السياسي : لقد حظيت المرأة الصحراوية باهتمام كبير من طرف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب منذو مؤتمرها التاسيسي الذي اصدر توصية حول المرأة حيث اشاد بنضالها و اكد على ضرورته و حيويته و دعاها الى المشاركة الفعالة في تحرير الوطن و تكلل هذا الاهتمام بعقد الندوة الوطنية الاولى للنساء التي اشرف عليها مفخرة الثورة الشهيد البطل الولي مصطفى السيد الامين العام للجبهة الشعبية و التي اسفرت عن ملاد الاتحاد الوطني للمراة الصحراوية و اعتباره رافدا من الروافد الساسية للجبهة الشعبية و تواصل هذا الاهتمام بعد الاعلان عن ملاد الد الع الص الد التي مكنت المراة من كافة حقوقها , فالمراة الصحراوية تمتلك حق الترشح و الترشيح لكل الرتب السياسية بدءا بالمؤتمرات الشعبية التي وصلت نسبة مشاركة المراة فيها حوالي 95 بالمئة و التي برهنت على عطاء سياسي و ديمقراطي منقطع النظير بالاضاة الى الهيمنة النسوية على الفروع و المجالس الشعبية . وصولا الى المؤتمرات الشعبية التي قدرت نسبة مشاؤكة المرأة فيها ب 46 بالمئة من مجموع المؤتمرين , اما على مستوى السلطة فقد تبنى الدستور الصحراوي مبدأ الاستقلالية و الفصل بين السلطات الثلاث ( السلطة التنفيذية , السلكة التشريعية , السلطة القضائية ) فعلى مستوى السلطة التنفيذية نجد المراة الصحراوية حاضرة في هذه الهيئة عن طريق وجود وزيرات زغم ان هذا التمثيل لا زال ضئيلا الااننا نطمح الى زيادته في المستقبل . اما على مستوى السلطة التشريعية المتمثلة في البرلمان فقد سجلت المرأة الصحراوية حضورا بارزا في هذه الهيئة منذو الوهلة الاولى لتاسيسها الى يومنا هذا و قد بلغت نسبة مشاركة المراةفي البرلمان الحالي 25 بالمئة .. اما على مستوى الجهاز القضائي فقد شاركت المراة الصحراوية منذ بداية اعلان الج الع الص الد عن طريق لجان القضاء و واصلت جهوجها في هذا المضمار الى و قتنا الحالي , فالمراة توجد على مستوى المحاكم الابتدائية و الاستئناف و المحكمة العليا كما نجدها في اعلى هرم هذه السلطة من خلال عضويتها في المجلس الاعلى للقضاء و المجلس الدستوري . 2 - – ا لجانب الاجتماعي لقد لعبت دورا بارزا في هذا المجال و س\ ظروف صعبة تنعدم فيها ابسط مقومات الحياة و فاذا كانت الدولة الصحراوية قد رفعت تحدي خاص في هذا المجال لما له من دور في ارساء دعائم الدولة الصحراوية المستقلة فان المراة الصحراوية هي الاخرى قد ساهمت مساهمة بطولية في هذا الجانب فاذا تكلمنا عن : - الت التعليم و التربية : نجده ا حاضرة من خلال لجان التربية بالاضافة الى الاهتمام بالتعليم عن طريق اقسام محو الامية و التثقيف و لا يزال يشهد لها هذا القطاع بالدور الريادي الى يومنا هذا - الصحة : ف قد لعبت المرأة دورا رئيسيا في مراقبة الحياة الصحية لشعبنا لا سيما ان الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الصحراوي في اللجوء قد زادت من تحدياتها , و قد عملت المرأة الصحراوية من خلال لجان الصحة على حماية اللجئين الصحراويين و انقاذ الالاف من الاطفال و النساء المتعرضين للقنبلة و المصابين بامراض التسمم نتيجة للقصف الوحشي من طرف الاستعمار و تقوم العاملات في هذا القطاع بعمليات التلقيح ضد الامراض الطارئة و المعدية و عمليات توليد النساء و تقديم الاسعافات الاولية لمعطوبي الحرب اما في الوقت الحالي فقد واصلت المرأة الصحراوية العمل في هذا الميدان عن طريق المستوصفات و المستشفيات التي ساعدت في بنائها عن طريق الحملات الشعبية . و لا تز ال المرأة الصحراوية مستمرة في عطاءاتها فلا يجب علينا ان نغفل عن الدور الذي تقوم به (المرأة الصحراوية في المناطق المحتلة ) متحدية جبروت الجلادين و السجانين و جميع القوى الشيطانية التي يواجهها بها الغزات المغاربة فهذه امنتو حيدار و سلطانة خية و دجيمي الغالية و الدقجة لشقر و قائمة غير منتهية من نساء صحراويات خضن غمار التحدي و الصمود في وجه الجلاد المغربي ...

واقع الطفولة في ظل اللجوء

مساهمة الاتحاد الوطني للمرأة الصحراوية بالمناسبتين : " اليوم العالمي للجيي"و " يوم الطفل الافريقي" بريبورتاج مكتوب حــــــــــــــــول : واقع الطفولة في ظل اللجوء
اعداد مركز الشهيدة النعجة عالي ابراهيم للإعلام و الثقافة طوال السنوات الماضية بقيت قضية الصحراء الغربية مغيبة طي النسيان ، ورغم شعور الصحراويين ببعدهم العربي والإسلامي إلا أن الرياح لم تكن تجري بما تشتهيه السفن تجاه قضيتهم العادلة والتي لا تعدو كونها قضية تصفية استعمار فحسب . فبعد أن وقع الاجتياح الغادر وتعرض الشعب الصحراوي لأبشع المجازر والترهيب الملكي وحرب الإبادة الجماعية وما تبع ذلك من تشرد وتهجير للآلاف من الأبرياء العزل الذين أخرجوا من ديارهم ، وانتهكت أعراضهم واستبيحت حرماتهم ومنحت ممتلكاتهم للمستوطنين الذين جلبهم الحسن الثاني في المسيرة السوداء ، حينها استصرخ الشعب الصحراوي أمته العربية والإسلامية علها تستجيب للمبدأ القرآني :"وإن استنصروكم فعليكم النصرة " لكن هيهات هيهات ، فلم يستجب لتلك النداءات سوى الجزائر وليبيا أما باقي الدول فأكثرها ساندت العدوان أو شاركت الجريمة كالحكومة الموريتانية في ذلك الوقت بالإضافة إلى بعض الأنظمة الغربية والعربية الأخرى. ونحن اليوم نعيش في زمن تطمح فيه الشعوب المستعمرة والمحرومة في كل مكان من العالم لتحقيق تقرير مصيرها ، ونيل استقلالها ، واسترجاع حقوقها المسلوبة، وإنقاذ إنسانيتها من الظلم والاضطهاد، والتحرر من أجنحة الاستعمار ، والنهوض لبناء عالم إنساني مبني على الاحترام والتعاون بدل التظالم والتخاصم . إنها وبكل اختصار القضية الصحراوية ومحنة الشعب الصحراوي التي عاشها ويعيشها حتى اليوم ، بسبب جور البعيد والقريب وتحالف أنظمة الفساد في المنطقة لإبادته بدءا من الاستعمار الاسباني مرورا بالغزو المغربي ـ الموريتاني الذي تعرض له الشعب الصحراوي بعد خروج الاستعمار الاسباني وخاض المعركة بنفسه مناضلا على جبهات متفرقة رافضا الاستعمار والضم بالقوة بأي شكل كان ، وفي خضم هذه الحرب الضروس شُرد شعبٌ بأكمله وقُسم شطرين بجدار الذل الفاصل بين المناطق المحتلة والمناطق المحررة وبقى جزء من هذا الشعب يتجرع الألم في المدن الصحراوية المحتلة ونزح الآخر إلى جنوب الجزائر وأقام مخيمات تعيش ظروف صعبة في منطقة تيندوف المتاخمة للحدود الصحراوية يقاسي الأمرين : الاحتلال والملجأ . لم تكتمل معاناة هذا الشعب ، حيث كانت هناك فصول أخرى للمعاناة : الاحتلال واللجوء , التشرد والشتات , السجون والتعذيب , جدار الفصل العنصري الذي يفصل الأخ وأشقائه والزوج وزوجته والأم وأبنائها ، بالإضافة إلى يوميات الموت التي يعاني منها الإنسان والحيوان على حد سواء جراء الألغام المضادة للأفراد المزروعة على طول الجدار والتي تحصد هي الأخرى ما تبقى من أرواح لم تتعبها بعد المعاناة ، أو تصفيها السجون ، أو ينهكها التشرد أو يفنيها الشتات . إلى جانب هذه المعاناة يشعر الشعب الصحراوي بألم معاناة أخرى تختلف عن الأولى توخز نفسه وتجرح كبريائه , وهو الشعب الذي ناضل ضد المستعمر فقدم الغالي من اجل الحرية فأرغمت نضالاته الأسطورية المستعمر الاسباني وأجبرته على الرحيل من أر ض الساقية الحمراء ووادي الذهب ( الصحراء الغربية ) .. إنها معاناة العربي الذي لم يلتفت إليه حينما كان في أمس الحاجة إليه .. من السبعينيات بدأت القصة .. قصة الشعب الجريح مع الجار الشقيق ، بدأت معاناة هذا الشعب , التي تختصر قضية أرض .. قضية وطن .. وقضية شعب .. ولكنها فوق كل هذا إنها قضية إنسان اُقتلع من أرضه وشُرد من دياره وحرم أبسط حقوق الإنسان ، فعاني أبناؤه مرارة الحياة ، فحرمهم المستعمر كل شيء .. وزج بهم في أتون حرب لا ذنب لهم فيها، لكنهم كانوا الأكثر تأثرا بها ومعاناة منها.. وعلى الرغم من أن اتفاقية الطفل الدولية هي اتفاقية تستلهم روح المبادئ المؤسسة لاحترام حقوق الإنسان، لأنها تندرج تحت إطار منظومة حقوق الإنسان العامة، التي توافقت عليها البشرية، و شكلت ثمرة جهود جبارة شاركت فيها كل العقول البشرية النيرة التي أعطت للإنسان قيمة و جعلت منه غاية في ذاته، يستحق التقدير و الاحترام إلا أن المعاناة مازالت مستمرة وخاصة الأطفال الذين يعيشون بالملاجئ ، ولعل الطفل الصحراوي الذي يعاني الأمراض والجهل جراء الاضطهاد السياسي الممارس من طرف سلطات الاحتلال ، خير دليل على ذلك وهو اضطهاد خلف آثارا بالغة على وضعية الطفولة الصحراوية. وفي ظل اللجوء والحرب تفاقمت معاناة الطفل الصحراوي ، فتأثر نفسيا وجسديا وذلك نتيجة غياب الأب المتكرر عن الأسرة بسبب الحرب ، فالأب بالنسبة للطفل يعتبر مصدرًا للأمن والحماية، ومما لاشك فيه أن غيابه المادي أو المعنوي يحدث اضطرابًا في حياة الطفل، ويتجلى ذلك في مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب الطفل بين الحين والآخر ، لاسيما أثناء النوم ،أو على شكل أعراض (نفسية- جسدية) عدم التركيز .. كثرة النسيان .. الميل للعزلة...) ، أو على شكل تغير مفاجئ في السلوك لم يكن معروفًا قبل غياب الأب ، فتضطر الأم لتحمل العبء الأكبر من مسئولية تربية الأبناء في جميع الجوانب، وهذا يؤدي بلا شك إلى تقصيرها في التربية، بسبب غياب دور الأب ومسؤوليته في المنزل. بدأت إدارة الاحتلال في انتهاج سياسة ممنهجة لتجهيل أهل المنطقة وتحويلهم إلى دمى تتحكم فيهم وتقلبهم حيث تشاء فاستخدمت أسلوب التجهيل كأداة لهذه المعركة لأنها كانت ترى التعليم مساويا للوعي ومن ثم الثورة التي تفضي إلى التحرر والمطالبة بالاستقلال . وفي بدايات اللجوء كان هناك ضعفا باديا للعيان في كل مجالات التعليم ، بدءا بالجانب التحصيلي بسبب ظروف اللجوء القاسية ، حيث له ارتباطات بمختلف الوسائط ، فهناك ارتباطات بالمنهج الدراسي المقرر في حد ذاته و بالتلميذ في حد ذاته كعنصر وكقطب الرحى في العملية التربوية وبالمدرسة كأداة من الأدوات التي يتحصل بها التلميذ علي المعرفة كوسيلة وبالأداة كعنصر أساسي في العملية التربوية ، وله ارتباط كذلك بالمجتمع كقاعدة عامة .. قاعدة ثقافية اجتماعية .. وبالأسرة أساسا التي هي نواة المجتمع والتي هي العنصر الأساسي المكمل للمدرسة ، إلا أن الطفل الصحراوي في ظل اللجوء عاني من إشكاليات جمة وهي أن أطفال العالم يتعلمون من الشارع العام ومن ثقافة المجتمع في حين يقتصر تعليم الطفل الصحراوي من خلال المدرسة باعتبارها هي كل شيء .. الشيء الذي أثر في عملية التحصيل الدراسي وخاصة في مرحلة اللاحرب واللاسلم بعد توقف إطلاق النار ودخول المجتمع في ظروف أخري متميزة ليست هي نفس الظروف المعروفة أصلا . كما ظهرت أمراض كثيرة دفع الطفل الصحراوي ثمنها غاليا ، فعانى الحرمان وعاش الألم ، نظرا للوضعية التي يعيشها الشعب الصحراوي .. وضعية كفاح .. وضعية لجوء .. وضعية تشريد .. وضعية حرمان .. وضعية ظرفية متميزة للمجتمع والبيئة والطفل . فلا أدل على ذلك من مخيمات اللجوء التي يقطن بها الصحراويون ، والتي هي عبارة عن خيم تفتقر لأبسط شروط الحياة .. وبيوت شُيدت من الطين والطوب، وغطيت بالقش أو بالقصدير، لتقي أهلها قساوة برد الشتاء وحرارة شمس الصيف . إلا أن الدولة الصحراوية حاولت جاهدة أن تجعل من الطفل الصحراوي أنموذجا في المعرفة والتحصيل العلمي ، فسنت قانون: التعليم من حيث المنطلق إجباريا، إناثا وذكوراً .. فأعدت المعلم والمربي إعدادا أكاديميا في معاهد الدول الصديقة والشقيقة وعلى وجه الخصوص بالمعاهد الجزائرية ، حيث قامت بمجهودات كبيرة في هذا الميدان بالتعاون مع بعض المنظمات الصديقة ومع المنظمات الأممية وحتى بالاعتماد على النفس، بحيث تم استحداث مفتيشيات ومقاطعات ومستشارين تربويين يتابعون العملية التربوية ويشرفون على العمليات التكوينية العامة ، وللتخفيف من معاناة الطفل الصحراوي في ظل اللجوء وقساوة الطبيعة التي لا ترحم شيدت الدولة الصحراوية بدعم ومساندة المنظمات الإنسانية والحقوقية عديد المدارس ودور التربية )دار حضانة في كل دائرة من دوائر ولايات الوطن ومدرسة ابتدائية ( . توفر الجزائر التعليم من الإعدادي إلى نهاية الدراسة الجامعية، أيا كان نوعها، ولو كانت طبا أو هندسة أو لغات ، ويعامل الصحراويون في الجزائر معاملة جيدة .. تعليما ورعاية صحية وتنقلا بين المدن . في نفس السياق، يتكفل الكل بالعطل الصيفية للأطفال ، فيقضون عطلة الصيف في الجزائر وإسبانيا، سواء في مخيمات صيفية أعدت لهم، أو في منازل عائلات . وعندما يتعدى الصحراوي أو الصحراوية المستوى الثانوي، يملك حظوظا قوية في الدراسة في جامعة جزائرية، أو ليبية أو إسبانية أو كوبية ، وهو ما مكن الدولة الصحراوية في النهاية من الحصول على العديد من الأطر الخريجين في مختلف الاختصاصات العلمية والأدبية الذين كان لهم حضورا متميزا بالنهوض بالمؤسسات الصحراوية . ورغم كل هذا يبقى المجتمع الصحراوي المستقر بالمخيمات من فئات مختلفة تضم الكهول والشيوخ الذين يعيشون على ذكريات وطن هجروا منه على أمل العودة والتمتع بالحرية والاستقلال كغيرهم من شعوب المعمورة أما الشباب والأطفال الذين ولد العديد منهم في المخيم ولم ينعموا برؤية منبت الآباء والأجداد فلا تقل حماستهم عن غيرهم من سكان المخيمات في العودة إلى أرضهم التي حرموا منها ومن خيراتها بسب الاحتلال . إن من حق كل طفل من أطفال العالم أن يعيش حياة آمنة مطمئنة تحكمها السعادة .. عمادها الراحة .. وبنيانها الحنان .. لا قصف من فوقه .. ولا نار من حوله .. ولا سموم تخالط أنفاسه .. هذا ما أقرته منظمة اليونيسيف لحماية الطفل ورعاية حقوقه .. منظمة بسيطة استخدمت العقل لبناء حقوق الطفل وما يتعلق به ، ولكن يبقى الطفل الصحراوي حبيس الآمال والأحلام ففي كل دمعة طفل يلمع نداء استغاثة .. وخاصة الأطفال الذين يعيشون في المدن المحتلة تحت رحمة النظام المغربي .. أولئك الأطفال الذين يعيشون المأساة في أتم معانيها أمام وضعية الجمود التي تعيشها القضية الصحراوية . ولكن ورغم كل ما يكابده هذا الشعب من الآم ، ورغم جرح التنكر لعدالة قضيته من غيره ، فقدره أن يظل صامدا كأشجار الطلح الوارفة الظلال تأبى أن تسقط رغم عاتيات الدهر ..

È